شاركوا المقال
تقول الكاتبة والروائيّة الأميركيّة إديث وارتون: "إنّ زيارة المغرب أشبه بتقليب صفحات بعض المخطوطات الفارسيّة المُزخرفة والمُطرّزة بأشكال زاهية وخطوط دقيقة."
دعونا نَطرح عليكم سُؤالا: ماهي أوّل صُورٍ تتبادر إلى أذهانكم عند ذكر القصور العربيّة؟ أليست صُور الذهب والجواهر واللآلئ؟ أو الأمراء والملوك الأثرياء؟
ولكن، ماذا لو أخبَرْناكم أنّ أحد أشهر قصور المغرب ليس مصنوعا من الذهب، وليس مُرصّعًا بالألماس، بل هو قصرٌ من خشبٍ وطين!
تابعوا قراءة مقال اليوم لتتعرّفوا على قصر "آيت بن حدّو" المغربيّ الّذي يأخذُ زوّاره في رحلة تاريخيّة ثريّة بالمعارف المعماريّة والحضاريّة.
ما هو قصر "آيت بن حدّو"؟
إنّ صرح "آيت بن حدّو" قصرٌ ساحرٌ مُخبّأ بين مدينَتي ورزازات ومراكش في المغرب. يتألّف هذا القصر الكبير من مجموعة مبانٍ نُحِتت باستعمال الطوب الطينيّ التقليديّ. وأحاطَت بها جُدران صلبة بُنيت من التُراب الأحمر الداكن.
يُعدّ هذا القصر مثالًا رائعًا على العمارة المغربيّة التُرابيّة نظرًا لمعماره وهويّته المُميّزَين، وهو مأهول من قبل خمس عائلات فقط.
يحتلُّ قصر "آيت بن حدّو" مكانة خاصّة في قلوب أهل المغرب لما له من قيمة سياحيّة وتاريخيّة عالية، فما الذي تحمله هذه المباني الطينيّة من تاريخ وثقافة؟
مبانٍ بين سفوح المُنْحدرات والمياه العذبة
يقعُ "قصر آيت بن حدّو" بِرُمَّته في سفوح المُنْحدرات الجنوبيّة للأطلس الكبير في ولاية ورزازات، وقد بُني نهر في وادي أونيلا، فنبتَ حوله الكثير من أشجار النخيل وغيرها من النباتات الصحراويّة.
يُوفّر القصر أيضًا تجربة طبيعيّة رائعة، حيث أنّ سفح جبال الأطلس يكشف عن مناظر طبيعيّة خلاّبة تُناسب عُشّاق المشي والتسلّق والتأمّل وتستقطبُ مُحبّي التصوير.
ولأنّه موجود على طريق التجارة الصحراويّ القديم، كان هذا القصر في الماضي محطّة رئيسة للقوافل المُتنقّلة بين مراكش والصحراء. ونتيجة لتلاقي النّاس والحضارات. ويحتوي هذا القصر المُميّز على مقْبرتين، إحداهُما لليهود والأخرى للمُسْلمين!
أصالة وعراقة تجلّت في العمارة المغربيّة
تحمي هذا القصر أبراج دفاعيّة مُرتفعة وبوّابة كبيرة، تجعلُ الوصول إلى هذا القصر يبدو كمُهمّة مُسْتحيلة!
وداخل القرية، تتجمّع بعض المنازل الصغيرة المُتواضعة من التُراب والخشب، ولكنّ بعضها يُشبه القلاع الحضريّة، بأبراجها ذات الزوايا العالية، وزخارفها الطينيّة القديمة. كما يُمْكن مُلاحظة احتواء بعض المنازل القديمة على زخارف حضاريّة لا تزال محفوظة حتّى الآن.
حافظ "قصر آيت بن حدّو" على أصالته المعماريّة إلى حدّ كبير، فالمباني التُرابيّة تتكيّف مع الظروف المناخيّة المُتغيّرة وتنسجم مع البيئة الطبيعيّة والاجتماعيّة، كما أنّها تنقل صورة واضحةً عن تقنيات البناء التُرابيّ الّتي اعتمدها سكّان الصحراء في ذلك الوقت.
ومن أبرز الدلائل على تعلّق المغربيّين بهذا القصر، هو أنّ إحدى العائلات الخمس المُتبقّية افْتُتِحت فيه مقهى تقليديًّا يُحافط على التُراث المغربيّ المعماريّ، ويُعطي الزوّار فكرة عامّة عن نمط الحياة القديم.
قصر مغربيّ في هوليوود!
لا تظنّوا أنّ هذا القصر يقدّم لزوّاره لمحة عن التاريخ والحضارة المغربيّة فقط، بل يمنحُهم أيضًا فُرصة لزيارة موقع تصوير أفلام هوليوود العالميّة!
ولأنّ "قصر آيت بن حدّو" موجود في مشهد صحراويّ أحمر مُذْهل، ليس من الغريب أنّه جذب انتباه السنيما الهوليوديّة، حيث صُوِّرت العديد من مشاهد الأفلام والمُسلسلات التاريخيّة المُختلفة في "آيت بن حدّو".
ومن بعض الأعمال الّتي ظهر فيها هذا القصر نذكُر فيلمَيْ "المومياء"The Mummy ، و"غلاديايتر" Gladiator، ومُؤخّرًا مُسلسل "صراع العروش" Game of Thrones!
إن كنتم من مُحبّي هذه الأعمال، بإمكانكم زيارةُ "آيت بن حدّو"، فلا يزال القصر يحتوي بعضًا من ديكورات التصوير. وبالتالي، يُمكِنُكم أن تختبروا شعور التواجد في الأفلام التي تهوونَها!
هل تودّون زيارة "آيت بن حدّو"؟
نُقدّم لكم بعض الإرشادات الّتي تُسهّل رحلتكم إلى هذا المعلم السياحيّ الرائع، وهي:
- لا توجد حافلة مُباشرة تتّجه إلى "آيت بن حدّو"، فاُرْكبوا سيّارة أجرة من مدينة ورزازات لتصلوا بسرعة.
- إن لم ترغبوا في ركوب سيّارة أجرة، نُنبّهكم أنّه يتعيّنُ عليكم المشي لمسافات طويلة.
- من أجل دخول القصر، يُمْكنكُم إمّا العبور على الجسر الجديد، أو مُحاولة عبور النهر مشيًا على الحجارة. وقد تكون مياه هذا النهر قد جفّت إذا زُرْتم القصر في أشهر الصيف.
شكرًا على مُتابعتكم مقالات شنطة سفر! هل سبق لكم أن زُرتم هذا القصر المُذهل من قبل؟ أخبرونا عن تجاربكم وآراءكم أدناه.
هذا المقال بالتعاون مع صفحتنا الأخت موقع حزر فزر ، وجهتكم للطرائف والترفيه
شاركوا المقال
كيف وجدتم مقالنا؟
مقالات ذات صلة
