
شاركوا المقال
تخيّلوا أنّكم تمشون على ضفّة النهر بسلام، فتتعثّرون بأحذية حديديّة مُصطفّة على طولِه!
ستُصابون بالذُّعر، أليسَ كذلك؟
ولكن عندما تسمعون حكاية هذه الأحذية وتفهمون رمزيّتها، سيتلاشى هذا الخوف، وتحلّ مكانه المعرفة!
زوروا معنا أحذية نهر الدانوب لتتعرّفوا على حقيقة هذا المعلم التّاريخيّ وعلاقته بالحرب العالميّة الثّانية في هذا المقال.

ما هي أحذية نهر الدّانوب؟
على ضفاف نهر الدّانوب في العاصمة المجريّة بودابست، وبالقرب من مبنى البرلمان المَجَري، يصطّفُّ ستّون زوجًا من الأحذية الحديديّة الصّدئة، وهي تُشبه تلكَ التي كان يرتديها الأوروبيّون في فترة الأربعينات.
صمّم هذه الأحذية المُخرج السّينمائيّ "كان توجاي" ونفّذ المشروع النّحّات "جيولا باور"، وثّبّتَت الأحذية على ضفافِ النّهر في 16 أبريل عام 2005.
تُعدّ هذه الأحذية نصبًا تذكاريًّا تاريخيًا لآلاف المجريّين (مُعظمهم من اليهود) الّذين لقوا حتفهم على يدِ حزبٍ يتبع العقيدة النّازيّة في خلال الحرب العالميّة الثّانية.
تاريخ النّصب التّذكاريّ
في خلال الحرب العالميّة الثّانية، وتحديدًا في عام 1944، أطاح هتلر بزعيم الحكومة المجريّة واستبدله برجلٍ يُدعى "فيرينتس سالاشي".
أسسّ "سالاشي" حزبًا سمّاه "حزب الصليب السهم"، وقد أرعَب رِجال هذا الحزب المَجريّين، وبخاصّة اليهود.
يقول التّاريخ أنّ الحزب رحّل مُعظم المدنيّين إلى مُعسكرات السّجن، ولكنّه ارتكب مجزرة بحقّ من تبقّى، فقد جُمع المئات منهم على ضفّة نهر الدّانوب، وأُطلِقَ النّار عليهم ليسقطوا في المياه.
ولكن لماذا اتّخذ النّصب التّذكاريّ شكل الأحذية إذًا؟
يُذكر أنّ المُسلّحين كانوا يُجبرون الضّحايا المجريّين على خلع أحذيتهم قبل إطلاق النّار عليهم، وذلك لأنّ الأحذية كانت حينئذٍ سِلعة ثمينة، ويُمكن للمُسلّحين المُتاجرة بها في السّوق السّوداء!
إذًا، يُمثّل النّصب التّذكاريّ أحذية الضّحايا التي تركوها خلفهم قبل سقوطهم في النّهر...
أحذية بتفاصيلَ واقعيّة ودقيقة
إذا نظرتُم عن كثب، ستُلاحظون أنّ الأحذية حديديّة وصدِئة ومثبّتة بعناية في الأرض، ولكنّ كُلًّا منها هو عملٍ فنّي قائم بحدّ ذاته.
تُجسّد الأحذية تفاصيلَ واقعيّة ودقيقة، فهي مُبعثرة بعشوائيّة وتقِفُ بهدوء على حافّة المياه. لا ينقص هذه الأحذية سوى أصحابُها الّذين يبدو كما لو أنّهم خلعوها وتركوها هُناك.
إضافة إلى ذلك، تختلف هذه الأحذية في أشكالِها ودلالاتِها؛ بعضُها له أربطة وآخر له أحزمة مفتوحة، كما أنّها تتوزّع بين أحذية نسائيّة ذات كعوب عالية وأحذية صغيرة للأطفال وأحذية للُعمّال...
تبايَنت تصاميم الأحذية لتوضيح أنّ المجزرة طالَت جميع المدنيّين بصرفِ النّظر عن جنسِهم أو عُمرِهم أو مهنتِهم.
درسٌ في التّاريخ
لن يتوقّع أحدٌ أنّ مجسّمات أحذية بسيطة تستطيع أن تحمل قصّة تاريخيّة كهذه، فهذا النّصب التّذكاريّ مكان مُهمّ للتعرّف على مُجريات الحرب العالميّة الثّانية وتداعياتِها على العالم.
نشكُرُكم أعزّائي القرّاء على مُطالعة هذا المقال. هل نال هذا النّصب التّذكاريّ إعجابكم؟ وما رأيكُم بالفنّ البسيط الذي يعكس قضايا وأحداث تاريخيّة؟ شاركونا آراءكُم في التّعليقات!
شاركوا المقال
كيف وجدتم مقالنا؟