كلبٌ انتظر صاحبه لـ10 سنوات ولم يَعُد... طالعوا قصّة وفاء مؤثّرة يعرضها هذا الموقع السياحيّ في اليابان

شاركوا المقال

يقول الفيلسوف الفرنسي "ألبير كامو": "أنا أميل إلى الكلاب مَيلًا مخلصًا مُنذ زمن بعيد، أحبّ الكلاب لأنها تَغفر دائمًا".

يُعرف عن الكلاب بأنّها كائنات في غاية اللّطافة والذّكاء، والأهم من ذلك كُلّه: في غاية الوفاء.

ولكن هل يستحقّ وفاؤها هذا أن تُبنى له التّماثيل التّذكاريّة وأن يُحفظ في المتاحف؟ طالعوا حكاية اليوم عن كلب يابانيّ يُدعى "هاتشيكو"، ثمّ أخبرونا جوابكُم النّهائيّ...

تمثال كلب هاتشيكو
تمثال كلب هاتشيكو

ما هو تمثال "هاتيشكو"؟

إنّ تمثال "هاتشيكو" هو نصب تذكاريّ برونزيّ لِكلب صغير من فصيلة أكيتا يُدعى "هاتيشكو"، وكُشِف عنه النّقاب عام 1934.

يقعُ التّمثال بجانب محطّة قطار شيبويا في العاصمة اليابانيّة طوكيو، وهي نقطة تتميّز بالاكتظاظ والتّجمّعات الدّائمة.

يُعدّ هذا التّمثال عربون تكريم لـ"هاتيشكو" المخُلص باعتباره رمزًا للوفاء وبطلًا قوميًّا لليابانيّين، فماذا فعل هذا الكلبُ كي يستحّق هذا الكمّ من التّقدير؟ سنروي لكم حكايتهُ المؤثّرة في باقي المقال...

قصّة وفاء خلّدها التّاريخ

في عام 1924، تبنّى أستاذ العلوم الزّراعيّة في جامعة طوكيو في اليابان "إيزابورو أوينو" كلبًا من فصيلة أكيتا، وأطلق عليه اسم "هاتشي".

أصبح الكلبُ والأستاذ الجامعيّ أفضل الأصدقاء، وكان كُلّما أراد الأستاذ ركوب القطار يوميًّا للتوجّه إلى مكان عمله، كان الكلبُ يُرافقه إلى محطّة القطار، ثمّ ينتظره بفارغ الصّبر عندما يعود في المساء.

استمرّ الكلب على هذا الرّوتين لمدّة عام كامل، إلى أن أتى يوم حزين انتظر فيه الكلبُ الأستاذ "أوينو"، ولكنّه لم يأتِ.

عاد الكلبُ في اليوم التّالي لينتظر صاحبه، ولكنّ الكلب المسكين لم يكُن يعرف أنّ الأستاذ توفي إثر إصابته بسكتة دماغيّة فُجائيّة أثناء ساعات عملِه.

ما بَعد وفاة الأستاذ "أوينو"

على مدى تسع سنوات، انتظر "هاتشي" القطار كُلّ يوم دون جدوى، فتارّة يحنّ عليه المُسافرون وموظّفو المحطّة، وتارّة يتعرّض للُمضايقات والمُطاردات الّتي لم تثنيه عن ترقّب قدوم أعزّ أصدقائه.

وذات يوم، سمع أحدّ طُلّاب الأستاذ "أوينو" قصّة الكلب الوفيّ، فكتب عنها، وسُرعان ما تناقلتها وسائل الإعلام الوطنيّة وانتشرت كما تنتشر النّار في الهشيم.

ألهمت القصّة اليابانيّين ولمست قُلوبهم، حتّى أنّهم أضافوا كلمة "كو" لاسم الكلب، وهي كلمة تُعبّر عن المودّة تقديرًا لولائه، فأصبح اسمه "هاتشيكو".

مات "هاتشيكو" المُخلص بسلامٍ في شارع قريب من المحطّة عام 1935، وخلّد قصّته التّمثال البرونزيّ الشّهير.

تمثال "هاتشيكو" وسط العاصمة

عام 1934، اُزيح السّتار عن تمثال "هاتشيكو" البرونزيّ في خلال حفلٍ كبير، ومن الطّريف أنّ الكلب نفسه كان حاضرًا هذا الافتتاح!

مرّ هذا التّمثال بمصاعب عدّة تمامًا كصاحبه، منها أنّه أُذيب من أجل تحويله إلى قطار يخدم أهدافًا حربيّة قبل يوم واحد فقط من انتهاء الحرب العالميّة الثّانيّة، ولم يعُد التّمثال إلى ما كان عليه إلّا بعد الحرب.

ومن جهة أخرى، تحتوي محطة شيبويا المُحاذية للتّمثال على لوحة جداريّة ضخمة من الفُسيفساء للكلب "هاتشيكو".

إنّ تمثال الكلب الوفيّ وظروف صُموده جعلته أحد عوامل الجذب الشّهيرة ونقاط الالتقاء الشّعبيّة خاصّة للشّباب اليابانيّين، إذ يصطفّ المئات من السّكان المحليّين والمجموعات السياحيّة لالتقاط الصّور مع التّمثال يوميًّا.

الكلب "هاتشيكو" في كُلّ مكان!

وإذا لم تكتفوا من قصّة الكلب هاتشيكو من مكان واحد، نُعلمكُم بأنّ يُمكنكُم زيارته في ثلاثة أماكن أخرى في اليابان:

  • المتحف الوطنيّ للعلوم في طوكيو

يُمكنكم إلقاء نظرة على تمثال آخر لـ"هاتشيكو" يحتوي على فَروه الحقيقيّ داخل هذا المتحف.

  • مقبرة أوياما في طوكيو

دُفن الكلب بعد موته إلى جانب مالِكِه تعزيزً للرّابط القويّ الذي يجمعهُما، ويُمكنكم زيارتُهما لإظهار الاحترام لهما.

  • جامعة طوكيو

عام 2015، نصَبَت جامعة طوكيو الّتي كان "أوينو" يُدرّس فيها تمثالًا آخر لـ"هاتشيكو" في حرمِها بهدف لمّ شملهِما، ما سبّب موجة جديدة من المشاعر والدّموع بين مُحبّي هذه القصّة المُحزنة.

من اليابان إلى العالم

من فرط حُبّ اليابانيّين للكلب وحكاية وفائه، لم يتردّدوا في ترجمتِها إلى فيلم سينمائيّ عاطفيّ عام 1987.

تظنّون أنّ تماثيل "هاتشيكو" محصورة باليابان فقط؟ الحقيقة أنّكم تستطيع زيارة تمثال إضافيّ له في ولاية رود آيلاند الأميركيّة!

يعود السّبب وراء ذلك إلى تبنّي هوليوود القصّة وتحويلها إلى نسخة أميركيّة تُدعى "هاتشي: حكاية كلب". باختصار، لقد ساهم العالم بأسره في تكريم "هاتشيكو" وحفظ ذكراه...

من يُريد زيارة تمثال "هاتشيكو"؟

إذا كُنتم من مُحبّي الكلاب اللّطيفة، نعتقد أنّ هذا القصّة قد دخلت قلوبكُم وشجّعتكُم على زيارة تمثال "هاتشيكو" ولو في المُستقبل. طالعوا هاتين المعلومتين لتكون زيارتكم أسهل وأسلس:

  1. بما أنّنا ما زلنا تحت تأثير جائحة كورونا، يُستحسن التّأكد من عدم إغلاق السّاحات أو المتاحف الّتي تحتوي على التّماثيل قُبيل زيارتها.
  2. يُمكنكم الاستماع بخدمة "هاتشيكو الافتراضيّ" في طوكيو بلازا الّتي تسمح لكم باصطحاب الكلب الشّهير في نُزهة افتراضيّة.

شكرًا يا أصدقاء شنطة سفر على مُتابعتكُم الدّائمة. ما رأيكُم بصداقة "هاتشيكو" والأستاذ الجامعيّ؟ وهل تعتقدون فعلًا أنّ الكلب يستحقّ الشّهرة السّياحيّة الّتي حصل عليها؟ ننتظر آراءكُم في خانة التّعليقات!

شاركوا المقال

كيف وجدتم مقالنا؟


أكثر المقالات قراءة