11 محطّة مهجورة وغامضة يُخفيها باطن العاصمة الفرنسيّة... فهل تسكُنها الأشباح؟

شاركوا المقال

لمن يعتقدون أنّهم يعرفون جميع محطّات المترو الموجودة في باريس...

تُخبّئ لكم مدينة الأنوار الرّومانسيّة مُفاجأة من العيار الثّقيل، فعلى عكس ظاهرِها الشّاعريّ الّذي يفوح بعبق الحُبّ والعُطور المَحلّيّة والكرواسون اللّذيذ، تعوم العاصمة على عالم سرّي يسود فيه الغموض وتحكمُه الأساطيرُ المُتخيّلة.

سنتحدّث في مقالنا اليوم عن وجه باريس الذي لا يعرفه الجميع، وسنغوص إلى أعماق المدينة لنكتشف معًا محطّات مترو مهجورة منذ عشرات السّنين. فما هو السّبب وراء هجرِها؟ هل حقًّا تسكُنها الأشباح؟ تابعوا المطالعة لتحصيل الإجابات!

ما هي "محطّات أشباح مترو باريس"؟

تندرجُ محطّات مترو باريس تحتَ قائمة أقدَم محطّات المترو في العالم، وتتميّز بقطاراتِها الحديثة التي تربط مواقع العاصمة الحيويّة بسلاسة وفعاليّة.

ولكن رُغم مُواصفاتِها المُتطوّرة، هُجِرَت بعضَ هذه المحطّات، ولم ترَ راكبًا واحدًا منذُ 75 عامًا تقريبًا، كما لم يعُد يزرها سوى الفنّانون والمصوّرون وبعض الفضوليّين.

تُشكّل محطّات "الأشباح" هذه متاهة خفيّة غامضة، وهي ترتبطُ تاريخيًّا بأهمّ حدث أمنيّ شهدته مدينة الأنوار. تابعوا المُطالعة لتعرفوا قصّتها بالتّفصيل....

آثارُ الحرب المُعتادة

تأسّس مترو أنفاق باريس في عام 1900، وكان يتطوّر بوتيرة سريعة، حتّى أنّ شبكاته توسّعت بشكلٍ كبيرٍ ووصلت إلى بعض الضّواحي في عام 1929.

ولكن مع دخول فرنسا الحرب العالميّة الثّانية عام 1939، استُدعِيَ العُمّال للقتالِ في الجَيش، ما أدّى إلى نقصٍ في الموظّفين، كما برزت الحاجة إلى تخفيض تكاليف محطّات المترو بدافع الحرب، فأُغلقَت مُعظمُها.

ومع انتهاء الحرب، كان من الصّعب على الفرنسيّين – جرّاء الخسارات الاقتصاديّة – أن يُعيدوا المحطّات إلى سابق عهدِها، فتُركَت 11 محطّة على حالِها إلى يومِنا هذا، وأصبحت تُعرف بمحطّات الأشباح.

المحطّات ما قبل الحرب

تذكُر أغلب المصادر أنّ عدد محطّات الأشباح هو 11 محطّة، نذكُر مِنها:

1.  محطّة كروا روج: وهي الأشهَر بين المحطّات المُغلقة، افتُتِحت عام 1923، ولم تُعد السّلطات افتتاحها بعد الحرب لاعتبارِها غير مُربحة.

2.  محطّة أرسنال: افتُتِحَت عام 1906 وعمِلَت لـ33 عامًا. استعمَلها بعض الفرنسيّين كمُستودع ذخيرة.

3.  محطّة القدّيس مارتن 1: افتُتِحَت عام 1931 ولكنّها استُعمِلت لـ8 سنوات فقط. ظلّت مُغلقة رُغم أنّها كانت نشطة ما قبل الحرب.

4.  محطّة القدّيس مارتن 2: لا تزال جُدران هذه المحطّة تحتوي على إعلانات من فترة الأربعينات.

5.  محطّة شامب دي مارس: افتُتِحت عام 1913، وظلّت على حالِها بعد الحرب لأنّها غير مُربحة أيضًا.

استثمارٌ رُغم الإغلاق

رُغم إغلاقِها وتركِها، لم تذهب هذه المحطّات سُدى، بل استُثمرت في استعمالات عديدة.

فعلى سبيل المثال، حُوِّلَت قاعات محطّة سانت مارتن إلى مركزٍ لإيواء المُتشرّدين، واستُعمِلَت أيضًا كمساحة إعلانيّة ترويجيّة.

كما أصبحَت محطّة "غار دو نور" ساحة لتدريب سائقي المترو الجُدد، واستُعمِلَت محطّة أرسنال لتدريب الفنّيين والمُهندسين والكهربائيّين، و استُخدِمَت محطّة "بورت مايو" لصيانة القطارات.

محطّة الفنّ والأفلام

بمعزلٍ عن جميع استخدامات المحطّات، تبقى محطّة "بورت دي ليلا" هي الأبرز من حيث مُساهمتها في شهرة المحطّات وجذب الأموال إليها.

تُعرف هذه المحطّة باسمها الثّاني "محطّة السّينما" وذلك لأنّها استُخدمت كثيرًا بعد هجرِها في تصوير الأفلام السّينمائيّة والمُسلسلات التّلفزيونيّة والإعلانات، ولا زالَت حتّى الآن تُقدّم عروضًا لنماذج المترو الجديدة.

ومن أبرز هذه الأفلام الّتي مثّلت بطاقة بريديّة أوصلَت باريس إلى العالم هو الفيلم النّاجح "المصير الخرافي لأميلي بولان" Le Fabuleux Destin d’Amélie Poulain الذي دارَت أحداثه في أشهر معالم باريس ومن ضمنها محطّة "بورت دي ليلا" المهجورة.

هل تولد المحطّات من جديد؟

لأنّ العاصمة تشهد عدد السُيّاح الأعلى في العالم، ليسَ من المُستغرب مُحاولة المعنيّين استغلال مساحة المحطّات لبناء المرافق السّياحيّة.

ففي عام 2014، اقترحَت مُرشّحة لمَنصب رئاسة البلديّة تحويل محطّات الأشباح إلى معارض فنّيّة ونوادٍ ليليّة ومطاعِم وحدائقَ وحمّامات سبّاحة.

وكان من المُفترض أن يكون هذا المشروع وسيلة لتعويض نقص المرافق الّرياضيّة والتّرفيهيّة في بعض المناطق، ولكنّ المُرشّحة خسرت في الانتخابات.

إنّ السّباحة أو الرّقص أو التنزّه في باطن باريس، جَميعها تبدو وكأنّها حلُم صعبٌ المنال، ولكنّ الكثير من الفرنسيّين يتأمّلون أن يُصبح حقيقة يومًا ما!

هل زيارة المحطّات مُمكنة؟

كونَها مهجورة ومخفيّة عن الأعيُن، يجهل الكثيرون وجود محطّات أشباح مترو باريس، كما أنّ الجولات الإرشاديّة المُنظّمة إلى هذه المحطّات لا تزالُ خجولًا.

نلفت أنظارَكُم إلى أنّ زيارة هذه المحطّات بمُفردِكُم قد تكون غير قانونيّة، ولكنّ هذا لم يمنَع بعض فنّاني الشّوارع من التّسلّل إليها وتزيينها بالكتابات والرّسومات (لا تفعلوا ذلك!).

إذا كُنتم محظوظين وتزامنَت رحلتكُم إلى باريس مع يوم التّراث الأوروبي، تستطيعون زيارة بعض المحطّات بكُلّ سهولة لأنّ السّلطات تفتُح أبواب زيارَتِها أمام عامّة النّاس في هذا اليوم فقط.

وفي الختام، نشكُركُم أصدقاءنا على مُطالعة هذا المقال! هل تودّون زيارة محطّات الأشباح، أم تخافون من هذه التّجربة؟ وهل تعتقدون أنّ هُناك أملًا بأن تتحوّل إلى مرافق سياحيّة حيويّة في المُستقبل؟ شاركونا آراءكُم أدناه.

شاركوا المقال

كيف وجدتم مقالنا؟


أكثر المقالات قراءة