كيف يُمكن لمسرحٍ أن يُشبه حدائقَ الملوك الفخمة؟ المعلمُ السياحيّ أدناه يملكُ كلّ الأجوبة

شاركوا المقال

يقول المَسرحيّ والرّوائيّ الكبير أوسكار وايلد "أنا أعتبر المسرح أعظم أشكال الفنّ والطّريقة الأسرَع الّتي يُمكن للإنسان من خلالِها مُشاركة إنسانيّته مع الآخرين."

ومن هُنا، لا يَسَعُنا سوى ضمّ صَوتِنا إلى صوت "وايلد"، لتركيزه على أهمّية وجود المسارَح الّتي تُعطي أيّ شعبٍ أو مدينة هويّة ثقافيّة لا تُنسى.

فما بالُكُم إن كانت هذه المسارح أيضًا إناءً ينضحُ بِسَيلٍ من المعارف التّاريخيّة والأدبيّة والشّعبية، عدا عن كونها لوحة طبيعيّة لم يسبق أن رُسمت داخل بناءٍ من هذا النّوع؟

ففي هذا المقال، سنأخُذكُم في رحلة سياحيّة افتراضيّة إلى مسرح "إلجين ووينتر جاردن" Elgin and Winter Garden Theatre Centre في كندا الّذي ينفرد بكونِه المَسرح الحَيّ الوحيد المُؤلّف من طابقين في العالم!

ما هو مَسرح "إلجين ووينتر جاردن"؟

إنّ مسرَح "إلجين وَوينتِرغاردن" هو عبارةٌ عن مَسرَحَين فنيَّيْن إحداهُما فوق الآخر، إذ أنّ مسرح "وينتر غاردن" يقَعُ على ارتفاع سبعة طوابق فوق مَسرح "إلجين".

بُنيَ هذا المَسرحُ عام 1913 في مدينة تورونتو الكنديّة، ويعود إلى العَصر الإدوارديّ في أوائل القرن العشرين.

يتميّزُ هذا المَسرح بكونِهِ آخر مسرَحٍ بِطابِقَين لا يزال قيد التّشغيل في العالَم، فتمّ تصنيفُه كموقعٍ تاريخيّ وطنيّ لِكَنَدا عام 1982.

يَطغى على قاعة المسرَحِ لمَساتٌ نباتيّة حيويّة، كما يستضيفُ عرُوضًا حيّة ومسرحات موسيقيّة وأفلامًا باستمرار، عدا عن نقلِه تاريخًا رائعًا يمتدّ  لأكثَر من 100 سنة. حانَ الوقتُ لنتعرّف عليه من هُنا!

مسرحُ عريقٍ يُشبه الحدائقَ الملكيّة

يحتوي مسرَح "إلجين" السُفليّ الأنيق على 1561 مقعدًا، بينَما يحتوي مَسرَح "وينتر جاردن" العُلويّ على 992 مقعدًا.

وعمومًا، يَسود التّناقض تصميم كُلّ من المَسرحيْن، إذ تمّ تزيين مسرَح "إلجين" بشكل تقليديّ باللّونين الأحمر والذّهبيّ الكلاسيكيَّين وصُنعَت مقاعِدُه من الأقشمة الفخمة، وسَيطَرت على سقفهِ وجُدارنِه الزخارف التّاريخيّة العريقة.

أمَّا مسرح "وينتر جاردن"، فاستنَد تصميمُه على أفكار استثنائيّة، فقد عمِلَ المُهندس المعماريّ "توماس لامب" على تحويل الطّابق المسرحيّ العُلويّ إلى حديقة ملكيّة أقلّ ما يُقال عنها أنّها تحبس الأنفاس وتخطفُ الأبصار!

 فإذا نظرتُم إلى المسرح العُلويّ، سترَون كيف أنّ سقفَه هو عبارة عن سماءٍ من الأغصان المُتدليّة والنّباتات الورقيّة الذهبيّة، إضافة إلى الفوانيس المُتلألئة على شاكلة النّجوم.

وعلى جُدرانِه، سترون كساء الطّبيعة قد غطّاها، فقد تمّ طلاؤه برسومات يدويّة للنّباتات وجذوع الأشجار الّتي بَدت وكأنّها  الأعمدة الّتي تسنُد هذا المسرح الأثريّ.

رحلة المَسرح الصّعبة قبل العودة إلى الحياة

اُنشئ مَسرح "إلجين ووينتر جاردن" عام 1913 في الأساس كَي يستضيف أعمال "ماركوس لوف" المُهتمّ بإنتاج الأعمال المَسرحيّة وصناعة الصّور المُتحرّكة.

صَمّم هذا المبنى المَهيب مُهندسٌ يُدعى "توماس لامب"، وكان الهَدفُ من وراء ذلك عرض الأفلام الصامتة القصيرة و"الفودفيل"، أي هي أعمال مسرحيّة ترفيهيّة كانت شعبيّة آنذاك. حتّى أنّ المسرح شهدَ مُشاركة عمالقة الفنّ في الأعمال المعروضة في ذلك الوقت.

ومع تطوّر العصر وظهور فكرة "السّينما"، تراجَعت شعبيّة هذه الأعمال المسرحيّة. فحُوّل مَسرح "إلجين" السُفليّ  إلى سينما في مُحاولة لمُواكبة ذوق الجمهور، ولكنّ مَسرَح "وينتر جاردن" العُلويّ أقفلَ أبوابه لعقود من الزّمن.

تراجعَ مُستوى المسرح وشعبيّتُه وساءَت سُمعتُه تدريجيّا، حتّى هُدِّدَ بالهدم في أوائل الثمانينيّات.

إلّا أنّه بحلول عام 1981، تدخّل صندوق "أونتاريو" للتُراث ليشتري المَسرَح بأكمله، وعَمِل القائمون عليه على ترميمِه بميزانيّة ضَخمة.

وفي ديسمبر 1989، أُعيد افتتاح المَسرح بطابِقَيْه، وعاد ليُصبحَ أحد أرقى الوُجهات المسرحيّة وأجمَلَها في كندا.

سياحة غنيّة داخل المَسرح ذي الطّابِقَين

بعد ترميم مَسرح "إلجين ووينتر جاردن"، توافَد عليه آلاف السُيّاح ليتجوّلوا بينَ ردهاتِه ويطّلعوا على دقّة تصاميمه المُميّزة.

تطوفُ الجولات السياحيّة المصحوبة بمُرشدين مُختصّين هذا الموقع التّاريخيّ على الدّوام، فيَسرُد هؤلاء المُرشدون تاريخ المَسرح ويشرَحون مزاياهُ الفنّية.

ويُمكنكُم أيضًا زيارة  معرضٍ خلف الكواليس وغُرفة ملابس تاريخيّة يَحتويان على كثيرٍ من القِطَع والرّسومات اليدويّة الّتي تعود إلى أعمال "الفودفيل" الشّعبيّة.

كما نُأكّد لكُم أنّكم تستطيعون زيارة هذا المَسرح لا لمنظَره السّاحر وتاريخه الجاذب فحسب، بل لمُشاهدة العُروض الحيّة كالحفلات والمسرحيّات الموسيقيّة.

هل أعجبكُم هذا المسرح الأنيق؟

في حال نال استحسانَكُم مسرح "إلجين ووينتر جاردن"، نتوقّع زيارَتكُم له في أقرب فُرصة مُمكنة. ولهذا السّبب، نضع بين أيديكُم بعض المعلومات المُفيدة لرحلتِكُم:

  1. تستطيعون زيارة المَسرح عادةً على مدار العام بينَ يومَيْ الاثنَين والسّبت.
  2. تتوفّر جولات سياحيّة إرشاديّة مدفوعة الأجر بتكلفة 12 دولارًا للكِبار و10 دولارات للطُلّاب وكبار السّن.
  3. يُمكنُكم زيارة المَسرح مجانّا إذا صادفَت زيارتكُم توقيت حَدَث Doors Open Toronto الّذي تُنظّمه السُلطات المحلّيّة سنويّا.

شكرًا لكم على وقتكُم لقراءة مقال شنطة سفر. ما رأيُكم بهذا المسرح الغريب؟ وهل استمتَعتُم بمُطالعة قصّته التّاريخيّة؟ أخبرونا عن آرائكم أدناه!

شاركوا المقال

كيف وجدتم مقالنا؟

[WPAC_LIKE_SYSTEM]

أكثر المقالات قراءة